سورة المعارج - تفسير تفسير القرطبي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (المعارج)


        


{فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ (42)}
أي اتركهم يخوضوا في باطلهم ويلعبوا في دنياهم، على جهة الوعيد. واشتغل أنت بما أمرت به ولا يعظمن عليك شركهم، فإن لهم يوما يلقون فيه ما وعدوا. وقرأ ابن محيصن ومجاهد وحميد حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ. وهذه الآية منسوخة بآية السيف.


{يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ سِراعاً كَأَنَّهُمْ إِلى نُصُبٍ يُوفِضُونَ (43)}
يَوْمَ بدل من يَوْمَهُمُ الذي قبله، وقراءة العامة يَخْرُجُونَ بفتح الياء وضم الراء على أنه مسمى الفاعل. وقرأ السلمي والمغيرة والأعشى عن عاصم {يخرجون} بضم الياء وفتح الراء على الفعل المجهول. والأجداث: القبور، واحدها جدث. وقد مضى في سورة يس. سِراعاً حين يسمعون الصيحة الآخرة إلى إجابة الداعي، وهو نصب على الحال كَأَنَّهُمْ إِلى نُصُبٍ يُوفِضُونَ قراءة العامة بفتح النون وجزم الصاد. وقرأ ابن عامر وحفص بضم النون والصاد. وقرأ عمرو بن ميمون وأبو رجاء وغيرهما بضم النون وإسكان الصاد. والنصب والنصب لغتان مثل الضعف، والضعف. الجوهري: والنصب ما نصب فعبد من دون الله، وكذلك النصب بالضم، وقد يحرك. قال الأعشى:
وذا النصب المنصوب لا تنسكنه *** لعافية والله ربك فاعبدا
أراد: فاعبدن فوقف بالألف، كما تقول: رأيت زيدا. والجمع الأنصاب. وقوله: وذا النصب بمعنى إياك وذا النصب. والنصب الشر والبلاء، ومنه قوله تعالى: {أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطانُ بِنُصْبٍ وَعَذابٍ} [ص: 41].
وقال الأخفش والفراء: النصب جمع النصب مثل رهن ورهن، والأنصاب جمع نصب، فهو جمع الجمع. وقيل: النصب والأنصاب واحد. وقيل: النصب جمع نصاب، هو حجر أو صنم يذبح عليه، ومنه قوله تعالى: {وَما ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ} [المائدة: 3]. وقد قيل: نصب ونصب ونصب بمعنى واحد، كما قيل عمر وعمر وعمر. ذكره النحاس. قال ابن عباس: إِلى نُصُبٍ إلى غاية، وهي التي تنصب إليها بصرك.
وقال الكلبي: إلى شيء منصوب، علم أو راية.
وقال الحسن: كانوا يبتدرون إذا طلعت الشمس إلى نصبهم التي كانوا يعبدونها من دون الله لا يلوي أولهم على آخرهم. {يُوفِضُونَ} يسرعون والايفاض الإسراع. قال الشاعر:
فوارس ذبيان تحت الحدي *** د كالجن يوفضن من عبقر
عبقر: موضع تزعم العرب أنه من أرض الجن. قال لبيد:
كهول وشبان كجنة عبقر ***
وقال الليث: وفضت الإبل تفض وفضا، وأوفضها صاحبها. فالايفاض متعد، والذي في الآية لازم. يقال: وفض وأوفض واستوفض بمعنى أسرع.


{خاشِعَةً أَبْصارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ذلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كانُوا يُوعَدُونَ (44)}
قوله تعالى: {خاشِعَةً أَبْصارُهُمْ} أي ذليلة خاضعة، لا يرفعونها لما يتوقعونه من عذاب الله. {تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ} أي يغشاهم الهوان. قال قتادة: هو سواد الوجوه. والرهق: الغشيان، ومنه غلام مراهق إذا غشي الاحتلام. رهقه بالكسر يرهقه رهقا أي غشيه، ومنه قوله تعالى: {وَلا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلا ذِلَّةٌ} [يونس: 26]. {ذلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كانُوا يُوعَدُونَ} أي يوعدونه في الدنيا أن لهم فيه العذاب. وأخرج الخبر بلفظ الماضي لان ما وعد الله به يكون ولا محالة.

1 | 2 | 3 | 4